برد المتوسط قارس ولافح، ومرسيليا، الآن، ترتجف وهي غارقة في صقيع أحلامها الراقدة على ذراع الميناء القديم. لا ملاذ لي، في ذروة هذا الفتور الأشيب المصقوع الذي فتح غرفتي للسهاد والرتابة، غير شرفتي الشيباء، حيث أقف الآن وحيدة كهذا البحر الذي لفه النسيان من كل شط. تهرب من ذاكرتي كل الأسماء والأشياء، باستثناء ذلك الوجه الذي تركته وحيدا داخل متحف الفنون الجميلة، القريب من متحف التاريخ الطبيعي، على شارع إيدوارد ستيفان بمرسيليا. عثمان، أو الرأس المغربي الذي نزح إلى مرسيليا على ظهر ريشة جوزي سيلبير. طاقية حمراء على رأس محلوقة، نوّارة فوق صيوان الأذن، قرطين متدليين من الشحمتين، لحية شابها الشيب برفق، فوق كتفيه يبدو الجلباب الأبيض المتشح بالبرنس الأسود زاهيا، على صدغه الأيمن وشم من خمس خطوط متقطعة ومتقاطعة، وفاه موارب... هكذا هو المتوسط حين يخذله موجه وتضج رأسه بالحنين الطافح بالملوحة...
- تعليقات بلوجر
- تعليقات فيسبوك
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة
(
Atom
)
0 التعليقات:
إرسال تعليق