شالٌ أحمرٌ، تقدَّمَ العربُ (قصة قصيرة جدا)

شالٌ أحمرٌ، تقدَّمَ العربُ. كلمتا سرِّ لقاءٍ محتملٍ. كانت تمشى على رمل البحر، تهزُّ ريح الشمال الباردة حواشي تنورتها البيضاء، وبخفة لا تخلو من غنج، كانت تنحني قليلا فتمسك بالأطراف لتمنع انكشاف بعضٍ من الكلِ. الشال الأحمرُ المُنسدلُ على الرقبة والكتفين يرفرف عَلَمًا على عَلَمٍ، والعينان تائهتان، كسفينة فقدت بوصلتها داخل هذا المتوسط الممتد من مرسيليا إلى طنجة. كان الشاطئُ مُكتظًّا بالأجساد، وهي تمشي بينها في مهلة وضلال مبين، تَتَطَلَّعُ إلى الوجوه، تترقب أن يخرج، من بين هذه اللحوم المتكدسة في الرمل، ماردٌ يمسك بشالها الأحمر ويهمس إليها: تقدَّمَ العربُ، كي تهدأ الريح العاتية فيها وتضع أمواج الشوق إلى لقياه أوزارها. جُنَّ جنون الريح وثارت ثائرة الموج، فانتفضت حبَّاتُ الرمل وتطايرت باتجاه الريح تلفح الوجوه العارية. أغمضت عينيها وراحت تتحسس رقبتها، لم تجد الشال، ضاع منها في زحمة التيه وضجيج الترقب. تيقّنت أن لا أحد سيأتي، ليهمس إليها: تقدمَ العربُ.
شاركه على جوجل بلس

عن نون

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق